وتكمل حكايتها:
كنت قلقة طوال الليل، خائفة من اليوم القادم، لن أسمح له بالخروج من المنزل، لأمنعه من رؤيتها، وفي نفس الوقت، أتحاشى جرح كرامتي.
استيقظنا صباح اليوم التالي، لأجده يستعد للخروج إلى عمله، فاقتربت منه وسألته: هل ستراها....؟؟
- من..؟؟
- جوليا ..!!!
- ولماذا أراها...؟؟
- لأنها جاءت لتراك.....
- من قال لك...؟؟ جوليا لديها أصدقاؤها هنا، هي تزورهم باستمرار....
- بل جاءت من أجلك، ولهذا راسلتك.....
- راسلتني لتعلمني بقدومها لكن هذا لا يعني أني سأراها....؟؟
- هل تقسم إنك لن تراها؟
- أقسم، والآن هل تتركيني فقد تأخرت على العمل..
لا أعرف لماذا أحسست بشيء من المراوغة في صوته ، كان يكذب عليَّ، فقد خرج لها، لا تعرفين شعوري نحو هذه المصيبة آنذاك........
- وكيف عرفت أنه ذهب إليها......
- عندما عاد من العمل، قمت بتفتيش جيوبه، وملابسه، لأجد بقع الروج، ورائحة العطر عالقة في ثيابه، كما وجدت ورقة صغيرة خاصة بالبنك، باسمها، مما يعني أنه أخذها لينهي لها معاملات بنكية.
- وماذا فعلت....؟؟
- واجهته بما وجدت، وكنت منهارة وأبكي، فنظر لي بغضب في البداية وسحب الورقة من يدي، وهو يقول: توقفي عن التدخل في حياتي، لا أسمح لك، ولا تضطريني للمبيت خارج البيت، تصرفاتك ستجعلني أسكن في بيت منفرد، وأزورك متى شئت، لا تستمري في التدخل في حياتي، ........
فنظرت له بصدمة غير مصدقة، إذ كان كلامه تهديد علني، بأنه سيستمر في علاقته معها، دون أي اعتبار لي ولحياتي وعندما رأى ما حل بوجهي من الكآبة، اقترب مني، قائلًا:
- اسمعي يا بَرود، علاقتي بك جيدة، طالما توقفتي عن التدخل في حياتي، أنا رجل لست طفلًا، وما بيني وبين جوليا انتهى، إنْ كنت أزورها فذلك لأنها تطلب المساعدة....
لم أرد عليه، وكنت في تلك اللحظة لا أصدق أي كلمة من كلماته، فقط كنت أفكر كيف تجرأ على تهديدي بتلك الصورة، وأي واقع مؤلم ينتظرني، إنه يقولها بكل صراحة، إما أنْ أقبل بنزواته، أو يتركني على هامش حياته، وفي كل الأحوال لست في حياته سوى الهامش ....... اعتراني هم عظيم، وصارت أفكاري تتضارب، فبينما عقلي يأمرني بالتخلي عنه، كان قلبي يأملني فيه خيرًا،
أسوأ ما تمر به امرأة أنْ تحب رجلًا، لا يحبها، أو أنْ يكون مغرمًا بامرأة غيرها ...!!!
لكني اكتشفت فيما بعد أنَّ جوليا لم تكن هي المشكلة الحقيقية، وأني لم أعاصر المشاكل بعد، إذ رأيت فيما بعد كيف يصبح زوجي، حينما يعشق امرأة فعلًا.....!!!
آثرت الصمت .... بينما خرج من عندي ولم يعد حتى منتصف الليل، لا أعرف كيف احتملت، فالواحدة منا قد تحارب في البداية لكن عندما تعلم أنَّ الحرب ستنقلب عليها قد تتهاون، وتتنازل، ربما.....
مرت الأيام ثقيلة وأنا صامتة، كنت أفكر أكثر من مرة في رؤيتها والحديث معها لتتركني في حالي بصحبة زوجي، لكنني أتراجع في آخر لحظة....
وبقيت جوليا في حياة زوجي العشيقة السرية التي أعرف كل تحركاتها،
رأيتها، في صور وجدتها عند أخته، وأذهلني ما رأيت، فهي كبيرة في السن، جميلة، وتبدو من الصور أنها ذات شخصية قيادية، هل ترغبين في رؤية صورتها .....؟؟
- نعم .. هل لديك واحدة ....؟؟
- أحضرتها معي توقعت أنْ تطلبيها ....
- من النظرة الأولى أقول لك، إنَّ منافستك هذه ضعيفة........ لا تساوي قرشًا واحدًا......
- أعلم..... لقد فهمت ذلك مؤخرًا ...... على كل حال أريد أنْ أفهم لماذا كان متمسكًا بها...؟؟؟
- لأنها كبيرة في السن، وذات شخصية قيادية......
- ماذا قلت........ هل أنت جادة....؟؟
- نعم أنا جادة، فالرجل الجنوبي، يحب البقاء بصحبة امرأة حاسمة، تنظم حياته المبعثرة، ولهذا يميل للإعجاب بالنساء الأكبر منه سنًا، والشماليات على وجه الخصوص، ولايعني ذلك أنه يوفق معهن لكنه يحب لديهن الثقة التي يتمتعن بها،
وبشكل خاص لو أفتقد والدته في سن مبكر، قد تجدينه يميل للزواج بمن تكبره سنًا بأعوام،
- وهل يحبها، أم يحتاج إليها فقط....؟؟؟
- تظهر العلاقة في البداية بصورة حاجة، لكن المرأة الذكية تجعل من الإحتياج حب، والرجل الجنوبي يقع في حب من هي أكبر منه سنًا، أكثر بكثير، وأسرع من الوقوع في حب صغيرات السن، لكن، واحذري من هذه الـ لكن، فالمرأة التي تتزوج الجنوبي، وتمثل معه دور الأم، لا تستبعد أنْ يأتي الجنوبي ليخبرها برغبته في الزواج من امرأة أخرى أصغر منه سنًا.
لأنك حينما تمثلين دور الأم، لا يبقى أمامه، إلا أنْ يعيش دور الابن المدلل الذي يحب أنْ يحياه، وبالتالي يبحث عن العروس التي سيقدمها لأمه، المطلوب من أمه التي تحبه أنْ تخطب له حبيبة قلبه ..!!
- يا إلهي، هذا الرجل معقد، كيف أتعامل معه كيف أتعامل معه، كيف أدلله؟! وفي الوقت نفسه لا أجعله يعاملني كأمه ؟؟ هذه معجزة.
- ليست كذلك، فالأمر يتبسط، بالإعتياد، فعندما أصف لك طبخة معينة قد تستغرق منك ثلاث ساعات حتى تنجزيها في البداية، وبالتعود، تصبح سهلة، الرجل، أيضًا يبدو معقدًا في البداية و مع السنوات وبالإعتياد على سلوكياته يصبح أسهل
- بل هي عقد، كيف أفهم طريقة تفكيره؟ لو لم ألتقيك، لبقيت طوال الوقت أفكر ما سر ارتباطه بتلك المطربة.
.
- أية مطربة...؟؟
- المطربة التي وقع في غرامها لاحقًا، والتي هدت كياني، وجعلتني المرأة الهامشية بالفعل ....!!!