القروية التي أصبحت إنسانة عصرية حينما بدأت رحلة التغيير....
شكرًا لك...
لأني تعلمت منك الكثير، تعلمت منك أنْ أحب نفسي وأنْ أحترم ذاتي، وأنْ أصبح سيدة مجتمع راقية، أنت لست معلمتي فقط، أنت بالنسبة لي أمي وشقيقتي، وصديقتي، وابنتي، غريب أنْ أشعر أنك كل وجه جميل في حياتي، وكل صدر حنون من حولي، لأنك بصراحة غمرتني بلطفك رغم أني لم ألتقيك يومًا ولم أكن قريبة منك أبدًا، ورغم أني لم أسمع صوتك، ولم أرك، إلا إني وجدتك ولثلاث سنوات معي، تتحدثين في عقلي، تسرين في دمي، تسافرين في قلبي، وتحيين نبض فؤادي، تقفين أمامي حينًا، وخلفي حينًا، توجهينني حينًا، وتثنيني حينما آخر، تقول عني رفيقاتي وشقيقاتي: إني مهوسة بك، وبدوراتك، وإني مسكونة بروحك، وإني أتحدث بمنطقك، وأفكر بأسلوبك، وأعيش على وجودك في حياتي، وأقول لهن بأني لم أعرف نفسي إلا بعد أنْ قرأت لك، ولم أجد ذاتي إلا بعد أنْ دخلت دوراتك، ولم أكتشف حقيقة هذه الحياة إلا معك، وبك، فهل بعد كل هذا لا أحبك!!!
أمي التي ولدتني، وأهدتني الحياة، عجزت عن أنْ تجعلني أفوز بالنجاة فيها، فثقافتها البسيطة لم تسعفها لتفعل ذلك، ومشاكلها الخاصة حالت بيني وبين حنانها، فبقيت ضائعة لسنوات عديدة، حتى تعرفت عليك عبر هذا الموقع، فنهلت من حبك وحنانك، رغم بعد المسافات، ورشفت من صدق مشاعرك الخالصة النصيحة رغم أنك لا تعرفين عني شيئًا، منذ إنْ قرأت لك أول موضوع أدمنتك، وأدمنت على كل كلمة تكتبينها، فبت أبحث عنك في كل السطور، وأحاول أنْ أقتات على ما تكتبين كما يقتات الطير على القمح في البساتين، ألتقط كلماتك كل يوم كل ساعة، لأشبع ذاتي بالحب، والسعادة، كلماتك نبع التفاؤل، وطاقتك تسري عبرها مخترقة الحدود والمسافات، إني أعيش معك رغم أنك لا تعرفين من أكون، وأعيش بنصحك رغم أنك لم تقصديني وحدي بالمشورة، لكنك كنت دائمًا تقصدين...
سيدتي لك كل احترامي، لك كل حبي، لك كل تقديري واسمحي لي أن أروي لك حكاية حب قصيرة....
ذلك الرجل الذي أحببته، وعشقته، وتمنيت الزواج به، لم يكن يحبني ... كان مغرمًا بشقيقتي التي لم تكن تحبه، وكانت مغرمة بشاب آخر غيره، لكن أحدًا منهما لم يصارح الآخر، كما لم أصارحه يومًا بإعجابي، لقد كان يريد شقيقتي، وكنت أعلم بذلك، وفي الوقت نفسه، كانت شقيقتي تحلم بآخر وكنت أعلم بذلك أيضًا، وذات يوم تقدم حبيبي لخطبة شقيقتي التي أصرت على رفضه إصرارًا شديدًا، رغم محاولات جميع أفراد العائلة لإقناعها به، حيث إنه شاب لا يعوض، والفتاة التي ترفضه خاسرة، وبعد أنْ أصرت على رفضه، ما كان من عائلتي إلا إنْ عرضوني عليه كنوع من الإرضاء ....!!!! تخيلي الموقف....

وقد أصيب هو بخيبة أمل كبيرة، ولم يرد على والدي لا بالإيجاب ولا بالقبول، لكنه بعد عدة أيام عاد وقد قبل أنْ يتزوج بي بدلًا من الزواج بأختي، لم أفهم سر موقفه، لكني أردت أنْ أصدق بأنه وجد أني أيضًا جميلة، ومثيرة للإعجاب، لكن الأمر لم يكن أبدًا هكذا، كان الأمر أعمق من ذلك بكثير ...
لقد اكتشفت لاحقًا، أنه كان فعلًا على علاقة بأختي، كان يحدثها كصديق كما شرحت لي هي بنفسها لاحقًا، وكان يعرب ليل نهار عن حبه وإعجابه، في الوقت الذي كانت تحلم هي بآخر، بينما تخبره دائمًا بأنها لا تفكر فيه كزوج لها، لكنه كان مغرمًا بها أشد ما يكون الغرام، وكان مستعدًا أنْ يفعل أي شيء لتصبح له ...
في الحقيقة كانت شقيقتي مختلفة، فقد عاشت في أحضان أمي، بينما عشت أنا في أحضان جدتي لأبي، بعد أنْ تطلقت أمي من أبي لتتزوج آخر وتنجب لي منه شقيقة، فبعد طلاقهما وزواجها من رجل آخر، أخذني أبي لترعاني جدتي، والتي كانت امرأة كبيرة بأفكار تقليدية، باهتة، فألبستني كما تلبس العجائر، وعلمتني معنى الخجل والضعف، وجعلتني نسخة طبق الأصل من العجائر بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، فقد كنت أسير محنية الظهر، حيث إنها كانت تخبرني بأنه لا يجوز للمراة أنْ تمشي منتصبة فذلك يجعل صدرها يبدو واضحًا وهذا عيب كبير، وبالتالي بدأت أسير بظهر مقوس للأمام، منذ أنْ بزغ فجر نهداي، لأخفي تضاريسهما، وأطفئ بريقهما، وبالفعل ضمر كل منهما ضمورًا شديدًا، رغم أني لازلت مراهقة في عمر البراعم، ....!!!!
حاولت والدتي في كل مرة نلتقي فيها أنْ تسعفني بنصائحها، لكني لم أكن قادرة على الاستجابة، فما إن أعود إلى بيت جدتي حتى تبدأ بتقريعي لأني أرتدي الحمالات الأفرنجية على حد قولها، تلك التي صنعت لتخلق الفتنة، وهي أداة من أدوات الشيطان، وكل الخزعبلات والخرافات التي تحملها العجائز القرويات، كانت جدتي قد تشربتها وبدأت تقيدني بها ... حتى تشربتها رغمًا عني وتشبعت بها....
كنت أتحدث كنساء الحواري، وأحرك يداي في الهواء كما لو كنت أصارع ذبابة، كل هذا لأشرح موضوع كنت أتحدث به مثلًا، وأجر ألفاظي في نهايتها كما تفعل النساء حينما تتشاجر مع أخريات، وكنت أميل إلى الانزواء كثيرًا؛ بحثًا عن ذاتي، فلا أجدها! كل ما أجده هو إدمان للعادة السرية، كنوع من التعويض !!! حتى بدأت أفقد حتى معاني أنوثتي الأولية...