وبينما كنا مستغرقين في مشاهدة الفيلم، دخل تركي فجأة وقال: شماااااااااااااا.
التفت إليه وكلي استبشار: تركي، أخيرًا جاء من ينقذني .أهلاً أهلاً.
فأشارت لنا البندري بأن نصمت لكي لا نفسد عليها تلك اللحظات القاتلة في الفيلم، فأشرت لتركي بأن نخرج إلى الصالون: هيا بنا، لا تتخيل إلى أي درجة كنت أشعر بالملل. حمداً لله أنك جئت.
- كيف حالكِ؟ ما هذا الزوج الرائع الذي مناكِ الله به.
- أعجبك، هل أحببته؟- بلا مجاملة الرجل طيب وأصيل.
- شكرًا، كم أحب أن أسمع هذا الكلام عن زوجي.
- لا والله لست أجاملكِ، لكن قلما نرى هذه الأيام رجالًا بأخلاقه ومن المؤكد أنه لا يتظاهر كل ذلك عفوي فيه. رجل من رحيق الماضي بعقلٍ عصري.
- ماذا؟ ماذا قلت؟ رحيق! ماهذا التعبير! هل استفز هزاع قريحتك الشعرية؟
- ههههههههههه، هذا ليس شعرًا يا أستاذة هذا مجرد تشبيه أو سمه كنايه.
- كناية ، أممممممممم، وما الذي جعلك تكتب في هزاع كل هذه الكنايات؟
- صفاته.
- وكيف أمكنك أن تعرف صفاته بهذه السرعة؟
- أي سرعة، إنها المرة الثانية التي أراه فيها ياشما.
- لا أصدقك، لا أعرف لما أشعر أن في الأمر سرًا لا أفهمه.
- لما أنتِ دائمًا هكذا؟ لما لا تحسنين الظن أبدًا؟
- لأن إحسان الظن بك أنت مصيبة.
- نعم! ما هذا الكلام يا شما! أزعل منكِ حقيقة، متى آذيتك أنا؟
ابتسمت معتذرة: لست أقصد، إني أمزح معك فقط، لكني ما زلت أعتقد أن هناك ما تخفيه. ثم اعتدلت في جلستي أكثر وسألته: هل ما زال هزاع هنا أم رحل؟
- ما زال هنا، ولن يخرج بدوني، سنخرج معًا.
أعلنت عن استغرابي وسألته باهتمام: تخرجان معًا! إلى أين؟
- لتلبية دعوة صديقه سعيد.
- هل دعاك لذلك؟
- دعانا جميعًا، أناوأشقاؤكِ ووالدكِ أيضًا، وسنذهب مجاملة له، لأنه على ما يبدو يريد أن يفتخر بأنسبائه بين رفاقه.
- أممممممم فهمت، كم هو جميل. يبدو أن الأمور تزداد جمالاً في الحقيقة، إذًا متى ستخرجون؟
- بعد صلاة المغرب بقليل.
- جيد، ما زال لدينا الوقت لنتحدث إذًا.وبينما كنا نتحدث شعرت بأنه متردد، ثمة أمر ما يريد أن يطرقه معي ثم يعود عن ذلك، فقلت: أخرج ما في جعبتك وأرح نفسك.
وهنا انفجر ضاحكاً: شما، لا تخفى عليكِ خافية.
- وهل يمكنك أن تخفي عني أنا شما شيء؟ إني أعرفك أكثر من نفسك. هيا أخبرني، ما هو السر الذي تخفيه.
- ليس في الأمر سر.
- إذاً ماذا هناك؟ ما هو الأمر؟ عبر وفضفض.
- اعتدل في جلسته وقابلني وواجهني جيدًا ثم قال: ما رأيكِ في ميثا؟
- ميثا! من ميثا؟
فقال مستنكراً: ميثا شقيقة هزاع.
- ما بها؟!
- إني أسألكِ رأيكِ بها.
- رأيي بها من أي ناحية؟
- من كل النواحي.
- لماذا؟
- فبدا على تركي الضيق وقال: شما ما بكِ، هل أصبحتِ فجأة عصية الفهم؟ إني معجبٌ بها وأسأل عنها ما المشكلة؟
- معجب بميثا؟!
- نعم بميثا.
- ولكن لأجل أي شيء؟ أقصد ماذا تريد منها؟
- ما يريده أي رجلٍ نبيلٍ من امرأةٍ مثلها، أريد الزواج بها.
ألجمتني إجابته، كانت صدمة بالنسبة لي: لما ميثا على وجه الخصوص؟ هناك الكثير من فتيات العائلة في انتظارك، لما ميثا؟ إنها أكبر منك سنًا.
- بعام واحد فقط، وأنا معجب بها هي لا بفتيات العائلة.
- متى أصبحت معجبًا ؟! إنك حتى لا تعرف عنها أي شيءٍ يا تركي.
- وهل كان هزاع يعرف عنكِ أي شيءٍ قبل أن يتقدم إليكِ؟ وها أنتما سعيدان وتحبان بعضكما.
- صحيح، لكن ... لا أعرف ماذا أقول لك فاجأتني.
- ما الخطأ! هل هناك ما يزعجكِ في ميثا؟
- أبدًا، مطلقًا والحق يقال فتاة طيبة وأهلها طيبون، لكن...
- لكن؟
- أنت لست مستعدًا للزواج بعد، إنك لا تملك وظيفة.
- من قال لكِ؟ إني أدير أعمال أبي وأتقاضى عن ذلك ما يتقاضاه أي موظفٍ مرتين.
- لكن الأعمال الحرة غير مضمونة.
- نعم ! من قال لكِ؟ شركات والدي عمرها أكثر من عشرين عامًا، ولها أصولها الثابتة والمتحركة، ولديها ضمانات تكفي إلى أكثر من مئاتي عامٍ قادمة سواءً عملت أوتوقفت عن العمل.
- حقاً! إلى هذه الدرجة!
- بل وأكثر، وأنا أديرها حاليًا بالتعاون مع والدي، ثم إن هناك ما هو أهم. قال متفائلاً: يخطط والدي إلى أن يسلمني إدارة بعض المشاريع في أبوظبي لأبقى بالقرب منكم. وهذا يعني أني إن تزوجت من ميثا فلن أحرمها العيش بين أهلها.
- جميل، إذاً فقد فكرت في كل شيءٍ يا تركي.
ثم اعتدل قليلًا أيضًا وقال: وهناك ما هو أكثر.
- ماذا؟
- جسست نبض ميثا.
- أووووووووووه، لا. كيف فعلت ذلك؟
- حدثتها هاتفيًا، وجدتها تحدث البندري...
وهنا انتفضت غضبًا: لكن كيف تفعل ذلك؟ ماذا لو علم أهلها بالأمر، كيف تغامر؟ هل تريد أن تتسبب في إفساد زواجي؟
- اهدئي، ما بكِ؟! لن أفسد زواجكِ، ميثا فتاة عاقلة. تفهمت الأمر ولا أعتقد أنها ستخبر أحداً، ثم ما الخطأ في ذلك؟! كنت جاداً معها ولم أبتذلها أو أبتذل نفسي في تلك المكالمة.
- لا أفهم كيف تطورت الأمور بهذه السرعة! متى حدث كل هذا؟
- البارحة.
- لقد كنت عندهم، لما لم تخبرني؟
- ربما كانت محرجةً من الأمر.
- ماذا قلت لها حينما حدثتها ؟
- لا شيء، سلمت عليها ثم سألتها بعض الأسئلة عن نفسها، وهي في المقابل أبدت اهتمامًا و سألتني أيضًا بعض الأسئلة. ويبدو أنها مهتمة بي كما أنا مهتم بها.
- والآن ماذا تنويان؟
- اتفقنا أن نتحدث لعدة أيام ثم إن راقت لي ورقت لها تقدمت لها رسميًا.
- تتحدثان؟! هل جننت؟ أنت تعلم أن هذا في عرفنا ممنوع.
أي عرف؟! أنتِ لا تفهمين ربما، لكن أعتقد أن علينا أن نتعرف إلى بعضينا أكثر فأكثر. إنه زواج وليس لعبة.
- لكني وهزاع تزوجنا...
قاطعني: نجاح علاقتكِ بهزاع لاتعني أبدًا أن الطريقة صحيحة، تعني فقط أن حظكما كان جيدًا، بينما الطريقة الصحيحة هي أن أتعرف عليها جيداً قبل الزواج وهي توافقني الرأي.
- لكن ماذا لو اكتشف أهلها أنكما تتواصلان؟ ماذا سيكون موقفي أنا يا ترى؟-
وما شأنكِ أنتِ بالأمر؟ ميثا فتاة ناضجة وهي من اختارت لنفسها أن تتحدث معي، ما دخلكِ أنتِ؟
- كيف ستكون ردة فعل هزاع؟
- تعلمين؟ أعتقد أن هزاع أكثر وعيًا وانفتاحًا منكِ، هذا رأيي؟
- ماذا تقصد؟
- لا أقصد أي شيء، دعيني أذهب الآن فقد أصابني الحديث معكِ بإحباط، حقيقة لم أتخيل أنكِ عجوز موسوسه بهذا الشكل.
- ماذا؟ ماذا قلت؟! أنا عجوز موسوسه؟
- نعم، وكئيبة أيضًا توقعت أنكِ قد تفرحين لأجلنا و تباركين هذه العلاقة التي قد تزيد من ترابط العائلتين لكنك ِعلى العكس من ذلك تمامًا، سلبية ولا تفكرين إلا في ما هو أسوأ.
- انتظر يا تركي ...
- نعم! هل نسيتِ إضافة بعض التوقعات السلبية يا شما؟
- اعذرني، لقد فاجأتني. لكن رجاءً كن حذرًا، فأنت تفهم وتعلم كيف هي العادات في مجتمعنا. لا يمكنك أن تتمادى معها أكثر، الأمر ليس لعبة كما سبق أن قلت.
- لا تقلقي، أنا أيضًا لست طفلًا. أعرف جيدًا ما أفعله.
قلت وقد فرغ صبري: أتمنى ذلك.
ثم عاد ليؤكد: أرجو أن يبقى الأمر سراً بيننا.
قلت: أكيييييد.
يتبع...