أغلقت ميثا الخط، وتركتني معزولة عما يحدث وبعيدة كل البعد لأشعر بضعفي ووحدتي وبأن العالم بأسره تخلى عني فقط لأن هزاع لم يعد في صفي. ترى ما الذي يفكر به؟ وماذاينوي؟! لماذا يقابل أشقاءها؟!
كانت من أصعب اللحظات، مرورها صعب وبطيء. ورغبت في أن أتصل بميثا مجدداً لكني تراجعت فليس من اللائق أن تشعر بقلقي الشديد وضعفي. ترى ماذا يحدث هناك الآن ؟!
مرت الساعة الأولى ثم الثانية، وهنا بدأ قلقي يبلغ مداه فما الذي يجعل الحديث يمتد كل هذا الوقت؟! قررت أخيرًا أن أتصل بميثا مجددًا.
- ألو.
-مرحبًا شما.
- ما الأخبار، هل من جديد؟
- لاشيء، مجرد أحاديث عادية.
- هل عاد هزاع ليتحدث أحاديث عادية مع أبناء عمومته؟
- في الحقيقة بدا لي يا شما، أنه يريد أن يستفهم عن سبب عدم زواج مي حتى الآن، وكان أحد أقاربنا وهو صديق مقرب من هزاع قد سبق له أن تقدم لها ورفضوه، فتساءل هزاع عن سر رفضهم له، فقالوا إن مي ترفض الزواج من أي شخص يتقدم لها مهما كانت صفته أو مكانته وأنها لا تريد سواه.
لا يمكنني أن أصف لكِ الغصة التي خنقتني. ماذا تريد هذه المي، ماهذا العناد؟! فقلت بصعوبة: لكن هزاع متزوج هل جنت هذه المي؟!
- يبدو أنه قد تقدم لها الكثيرون مؤخرًا، لكنها مصرة على عدم الزواج من أي شخص سوى هزاع. أخوتها صارحوا هزاع بهذه الحقيقة لكنه كان واضحًا تمامًا وقال إنه لا يعتزم الزواج بها مطلقًا.
- هل قال ذلك فعلًا؟! قال ذلك بصراحة؟
- نعم قال ذلك بصراحة، لم يجاملهم وقد تفهموا الأمر. بالعكس، كانوا يتوقعون هذا الرد على أي حال. كل ما كانوا يفعلونه أنهم يشرحون له سبب رفض مي الزواج من صديقه أو أي شابٍ آخر تقدم لها.
- لكن هذا الأمر مقلق يشعرني أن مي لن تتركني في حالي أبدًا.
- لا أحد قادر على أن يفهم يا شما، الأمر معقد، لا تعرفين ما هو السر الذي يبقيها متعلقة بهزاع رغم أنه سبق لها أن تخلت عنه.
- هل تعتقدين أن في الأمر سراً؟
- ليس سراً لكنه غالبًا أمر معقد، شيء ما يتعلق ربما بذكرياتها معه، ربما لا أعرف. أنا شخصيًا لا أفهم، لا أحد فينا قادرٌ على فهمها أو تفسير تصرفاتها.
- متى سينتهي هذا اللقاء؟
- غالبًا هو على وشك الإنتهاء.
- جيد، أحتاج أن أتحدث مع هزاع.
لكن ميثا قالت بتردد: أخشى ... أخشى أن هزاع لن يعود لبيتكم اليوم.
- ماذا تقولين؟! لماذا؟ أقصد كيف عرفتِ؟
- طلب من الخدم تحضير غرفة نومه.
- مستحيل! لكن لماذا؟
طفرت الدموع رغمًا عني من عيني وشعرت بإهانةٍ بااااااالغة. كيف فكر حتى مجرد التفكير في أن يفعل بي هذا؟
لكن ميثا قالت: لا تقلقي، ربما هو منزعجٌ قليلًا. على أي حال إن أردت المبيت هنا تعالي الآن.
- لا شكرًا، شكرًا لكِ. مع السلامة.
فرغ فؤادي من كل شيء، وعصفت بي الحيرة. ألمٌ يعتصرني، ياللألم! ما هذه الزيجة المقيتة، هل هي جهنم؟! أين شهر العسل الذي ذقت شهده أول أسبوعين من الزواج؟! أين اختفى؟ كيف هنت عليه، كيف سمحت له نفسه بأن يتركني أنام وحيدة في بيتي بينما هو ينام في بيت أهله؟ وما الحكمة من نومه هناك؟ شعرت بأني سأكرهه، نعم، هذا الموقف منه بالذات سيدفعني إلى كرهه وبشدة.
ثم لماذا ينام هناك؟ هرباً مني أم رغبة في البقاء بالقرب منها؟!
يتبع...